"جلس صياد شيخ على شاطئ البحيرة والتف حوله أحفاده.
كانت الشمس تميل الى الغروب والرجال يصلحون سباكهم بعد عناء يوم كامل. ثم نظر واحد
من الأولاد الى السلال السمك وقال: ما أكثر
أنواع السمك في العالم يا جدي!
تنفس الجد الصعداء وقال: أجل ما أكثرها انها متنوعة
مثل البشر! تعجب الأولاد من ذلك الكلام فشرح لهم وقال: مثل حياة الإنسان كمثل بحر يحوي
أنواع كثيرة من السمك. سمك يعيش في القاع يتمتع بالماء الهادئ والغذاء الوفير ولكن
الظلمة التي تغلفه أفقدته لونه ووفرة الطعام سلبته حيويته فضمرت زعانفه وترهل بدنه.
وسمك يعيش في الماء الجاري ويسبح مع التيار تراه
يمضي سحابة يومه يجري وراء الطعام يحاول اللحاق به والتقاطه. فحياته ليست الا سعيا
وراء لقمة العيش. ان غالبية الأسماك تعيش على ذلك النحو!
وسمك يعاكس التيار مثل سمك السلمون انه قوي البنية
شديد البأس يفغر فاه فيأتيه الماء بكل ما يلزمه من الطعام ثم يمضي سحابة يومه في عمل
أشياء كثيرة غير السعي وراء لقمة العيش لذلك نراه يهوى الصعاب ومواجهة الأخطار.
وسمك اكتشف عالما أخر يختلف عن عالمه الملئي مثل
الحوت .عالم تهب فيه الرياح فيملؤه الروح. فيفقد الجسد ثقله وتسمو نفسه. انه يتردد
الى ذلك العالم من حين الى أخر ليتنفس منه ثم يعود الى مياهه متجددا تسري في جسده حيوية
ونشاط.
وسمك لم يكتف بالتنفس من العالم الآخر با أراد ان
يغوص فيه مثل الدلفين انه يريد أن يتحرر كلية من المياه وصعوبات العيش فيها وملذاتها
فتراه دائم الرتفاع نحو الأعلى حيث الشمس والهواء الطلق يقفز ويحلق يتمتع ويتامل ولا
يعود الى عالمه إلا ليلبي حاجة جسده ان سمو حياة ذلك النوع يجعلكم تقفون أمامه باجلال
واحترام وتحبونه محبة فائقة.
تلك هي مختلف طرق عيش الأسماك.. تلك هي متلف طرق
عيش الأنسان.. وأنت يا أخي قف مع نفسك لتعرف أي نوع من الأسماك أنت...؟!